إجازة توسعة الحرم وتراجع عن الرفض

قطع نحو 200 عالِم من كل أنحاء العالم الإسلامي دابر الجدل والإشاعات في شأن مشروعية توسعة «المسعى» بين جبلي الصفا والمروة، داخل الحرم المكّي الشريف، وأكدوا أنه «تيسير على المسلمين وعمل جليل يؤجر فاعله»، وأعربوا عن استغرابهم من رفض معظم أعضاء هيئة كبار علماء السعودية ذلك.
وكان الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قبل أن يأذن بتوسعة المسعى قبل نحو عام، طالب هيئة كبار العلماء بقول كلمتها في الأمر، إلا أن معظم أعضائها كان رأيهم «سلبياً»، لكن الملك بنى على رأي الأقلية وبدأت أعمال التوسعة. قبل أن يتراجع أحد الرافضين للإذن بالتوسعة وهو الدكتور عبدالله المنيع الذي أعلن أخيراً أن «القول بجواز توسعة المسعى لم يصادم نصاً من الكتاب والسنّة».
وقال رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي مخاطباً الملك: «افعل يا خادم الحرمين ولا حرج فأنت تيسّر على الأمة ولا تعسّر وتبشّر ولا تنفّر، وتنطلق من شرع الله»، فيما أكد شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي أن «توسعة المسعى عين الحق والصواب، والأمة الإسلامية كلها تعضد ذلك». كما اعتبر مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة، «علماء الأمة كلهم مجمعون على تأييد توسعة المسعى، وأتعجّب من رأي المخالفين».
وذهب مفتي مصر السابق الدكتور فريد واصل إلى أبعد من ذلك، إذ رأى أن «التوسعة التي أجريت فرض على ولي أمر المسلمين، وقام بما فرضه الله عليه تجاه أمته»، وعزا ذلك إلى حال الزحام والتكدّس والضّيق بسبب كثرة الحجاج ومعتمري البيت الحرام.
ومع أن العلماء أبدى كل منهم برأيه منفرداً في الاستطلاع الحاشد الذي أجرته مجلة «الدعوة» السعودية التي أسسها مفتي السعودية السابق محمد بن إبراهيم آل الشيخ، إلا أن آراءهم جاءت متوافقة. وأبرز أولئك من خارج السعودية: مفتي الديار الفلسطينية. مفتي القدس. مفتي البوسنة والهرسك. مفتي كوسوفا. مفتي ألبانيا. رئيس جامعة الأزهر السابق. رئيس جماعة أنصار السنّة المحمدية بمصر. مفتي عام لبنان. رئيس جامعة الأزهر. رؤساء الجامعات الإسلامية في العالم. عمداء كليات الشريعة في العالم. مفتي زحلة في لبنان، مفتي جبل لبنان. مفتي أوغندا. مفتي بولندا. مفتي طرابلس.
أما علماء السعودية فأبرزهم الشيخ عبدالله المنيع، والشيخ عبدالله بن جبرين، والشيخ عبدالله المطلق، والشيخ عبدالوهاب أبوسليمان، وجميعهم أعضاء في هيئة كبار العلماء.
من جانبه، أكد عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الدكتور سعد الشثري في اتصال هاتفي مع «الحياة» أن الاختصاصيين القدامى والمحدَثين في علوم الشريعة مجمعون على أنه «يحق لولي الأمر إذا حصل خلاف بين العلماء وأصبحت المسألة اجتهادية، أن يأخذ من أقوالهم ما يرى أنه يحقق للمصلحة».
وأشار إلى أن توسعة المسعى «جاءت عملاً بفتوى من رأى ولي الأمر أهليته من علماء بلاده الموثوقين، توسعةً على الحجاج وتسهيلاً عليهم في أداء المناسك، ودرءاً لتدافعهم حيث رأى أن في الأخذ بفتوى بعض العلماء في هذه المسألة الاجتهادية تحقيقاً للمصلحة العامة للمسلمين، وحينئذ لا حرج على ولي الأمر في ذلك ولا على أي عالم في هذه المسألة، بل ان هذه التوسعة من الأعمال الخيّرة التي تُحسب في سيرة خادم الحرمين الشريفين، ويُرجى له بها أعلى الدرجات في الدنيا والآخرة».
ولفت الشثري إلى أن دواعي التوسعة التي جعلت الملك يأمر بها بعد استفتاء العلماء، «كانت الازدحام الشديد الذي تشهده مناطق المناسك، ومنها محل السعي بسبب كثرة الحجاج ولما يتوقع من زيادة أعدادهم في الأعوام المقبلة